
استنطاق تحليل DNA تجربة فضول واكتشاف
قبل زهاء أربعة أشهر من الآن جمعني حديث ذو شجون مع أحد الأصدقاء المقيمين معي خارج الوطن وتطرقنا إلى ظاهرة باتت ملفتة وهي إقدام الكثير من الموريتانين المقيمين في الخارج على إجراء فحص الحمض النووي لمعرفة أصول آبائهم الجينية، وكان صديقي مستغربا من أن نتائج التحاليل لكل هؤلاء أثبتت امتداد أصولهم إلى السلالة الأمازيغية من جهة النسب و(شمال إفريقيا) من جهة الموطن، وقد تكونت لديه قناعة بأن لاعرب في البلاد إلا القلة القلية، أما الشرفاء فمن ضروب الخيال الجزم بوجودهم في موريتانيا، لأن أغلب من أجروا هذه التحاليل في البلاد العربية تتطابق نتائج التحاليل لديهم مع الموروث المجتمعي ومع مراجع الأنساب العربية المعتمدة عكس ما حدث في بلادنا، وكان صديقي قد أجرى التحليل من قبل فلم تختلف نتيجة تحليله عن نظيراتها لدى غيره من الموريتانين الذين أجروا التحاليل من قبل.
فالكل أمازيغ ومن شمال إفريقيا، بمنطق العلم المحايد.
قلت له لا بأس أن أغامر أنا أيضا وأجري هذا التحليل وسأعلن نتيجة التحليل على رؤوس الأشهاد مهما كانت حقيقتها وتركته يحدد لي الموعد مع المختبر بوصفه عارفا بتلك الإجراءات، اختار صديقي بعناية المختبر المختص الذي سيأخذ العينة ويبعثها إلى المختبر الرئيسي في الولايات المتحدة الآمريكية، فهذا الفحص الجيني لايتم إلا داخل أربعة مختبرات علمية في العالم ضمن مؤسسات بحثية في أوربا وآمريكا والصين، أخذت العينة مسارها وانتظرت شهرين كاملين ليرن هاتفي باتصال من صديقي قائلا: إن نتيجة تحليلك قد صدرت اليوم وأنت عربي مشرقي على "التحور J1" فسلالة العرب على تحور (j1وj2) فقط وأبناء عمومتك أكثر معاقلهم الأصلية في الجزيرة العربية والعراق وباقي الدول العربية في الشرق الأوسط، والقلة القليلة منهم هاجرت إلى شمال إفريقيا، والآن ننتظر حتى تأتينا النتيجة النهائية التي سوف تحدد لنا ما هي أشهر القبائل العربية التي تنتمي معك لنفس السلالة الجينية، وبقية التفاصيل سوف يبعثها لك المختبر على بريدك الإلكتروني، وهذا ما تم فعلا حين تصفحت رسائلي الإلكترونية، ففي السادس من يونيو 2025م وصلتني النتيجة النهائية لهذا الفحص وهي (j-BY195383)
وتسهيلا على المتلقي سأورد هنا معلومات مختصرة عن هذا التحور :
التحور J-BY195383 هو فرع متقدم من السلالة الأبوية J-M267، وتحديدًا من الفرع J-L222.2، والذي يُعد من أهم التحورات التي تنتشر في الجزيرة العربية.
الأصل الجغرافي:
يُرجّح أن التحور نشأ في شبه الجزيرة العربية، تحديدًا في المنطقة الغربية أو الوسطى منها، استنادًا إلى كثافة ظهوره في قبائل عربية من هذه المناطق.
وهو جزء من التحورات القبلية المنتشرة في نجد والحجاز واليمن
السياق الجيني الأعلى:
J-M267 → التحور الرئيسي في السلالة J1
↳ J-L222.2 → تحور قبلي شائع في الجزيرة العربية
↳↳ J-BY195383 → أحد فروع L222.2 المتأخرة
الهجرات والانتشار:
الانتشار الأولي كان في وسط وغرب الجزيرة.
ومع هجرات القبائل العربية، وصل إلى:
العراق
بلاد الشام
شمال إفريقيا
التفرعات
التحور J-BY195383 تحور نهري محدود التفرعات في الوقت الحالي.
القبائل أو العائلات المنتسبة لهذا التحور:
وفقًا للمشاريع الجينية العربية على FTDNA ومصادر الأنساب الجينية، من أبرز العائلات أو القبائل التي تم توثيقها حتى الآن ضمن J-BY195383:
قبيلة عنزة (أو بعض بطونها)
قبائل تميم أو حنيفة (في تفرعات قريبة)
بعض العائلات من نجد والحجاز، خاصة العائلات التي شاركت في مشاريع DNA الخليجية والسعودية، قبائل بني هلال في الجزائر والمغرب وبعض القبائل العربية الأخرى
المملكة العربية السعودية (خصوصًا في نجد)
العراق (بنسبة أقل)
الكويت والبحرين
اليمن
قطر والإمارات
ملاحظة : لا يوجد تحور خاص بكل قبيلة، بل نجد قبائل تنتمي إلى تحور واحد أي أن لهذه القبائل جد واحد وكلما قرب الجد كان التمييز أوضح كما أن هناك بحثا من جهة الأمهات لكن البحث من جهة الآباء أكثر دقة خصوصا لدى فحص (BIGY)
في الحقيقة لم تفاجئني هذه النتيجة بقدر ما فاجأت صديقي الذي كان هو سبب إجراء هذا الفحص هو ومن معه من جاليتنا المحترمة، جزى الله عني خيرا سادتي وأهلي العلويين وكذلك أخوالي الزينبيين
فكل مروياتهم صحيحة .. وفي النهاية الحمد لله على نعمة الإسلام ...
ثم - وهذا مربط الفرس - لم يدر DNA أنني ابن أرض العقيلات وكفى، وأن وشائج وأواصر رحم صهرت في هذه الربوع أوردتني موارد التيه والزهو
موارد كرم عجنت بخالص التقوى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
حماد ولد أحمد